مدونه

مرحبا بكم بعالم عبدالله المنيف ... همس ... خواطر ... ونثر ... يمكن التصفح من خلال برنامج فايرفوكس http://www.mozilla.org/ar/firefox/new/

قصصاتي بقلمي/ عبد الله المنيف

خيبة ..مشاعر


حملت سمومها واتجهت نحو رغبات كتبها الشيطان,خطت له رسالتها وتركتها فوق أريكته،وقبل أن تذهب قالت له : لا تخاف..لن أتأخر عليك كثيرا،سوف أجلس معه ونشرب فنجان من القهوة،وقد يسرق الوقت منى بعضا من الساعات فلا تقلق،سوف أعود إليك وأحكي لك تفاصيل كل شيء لن أخبئ عنك سرا,تعلم بأنني مجبرة على هذا اللقاء!وذلك بعد أن وعدني بأنه سوف ينجز لي ما عجزت أنت عن إنجازه هو وعدني بذلك..وقف أنت مثل أصنام الجاهلية فلن يعبدك بعدي أحد،لكن لا تسألني عندما أعود،هل لامست يداه يداي؟وهل تقاربت بالخطاء شفتاي شفتاه؟فلا أستطيع أن أعدك بأشياء قد يختلسها الحظ مني وأنا مجبرة،وقد أذهب معه إلى منزله ونشرب من ذلك الكأس الذي شربنا منه معا،وربما ينام الليل في أحضان الخوف فلا يذهب تفكيرك بعيدا،حتى ولو خلعت له كل ملابسي فسوف أترك قطعة تغطي بعضا من أملاكك!لكن وقبل أن أذهب الآن لم تقل لي رأيك بهذا الفستان الأحمر،هل يليق بي؟وقبل أن يتحرك ويجيب على سؤالها،كان يسترق رائحة العطر الذي يفوح منها،ويتذكر بأن رائحته تشبه رائحة ذلك العطر الذي قدمه ذات ليلة لها في يوم ميلادها،أخذ يلملم بقايا أشلاء كرامة رجل مهزوم،وذهب بعد أن تركته..لم يتطلع على تلك الرسالة التي تركتها له فوق أريكته!

عشق من طرف زجاجة

(سقوط العناء)

كتب رسالته ولم يعرف كيف يوصلها لتلك الفاتنة التي تجلس على بحيرة من الغرور.. لم يطول انتظاره كثيرا حتى وجد فكرته التي حار فيها، فوضع رسالته تلك داخل زجاجة ورما بها في وسط بحيرة كانت تجلس بالقرب منها فاتنته تلك.. وعندما وصلت تلك الزجاجة وهي تطفو بالقرب منها، أخذتها ثم فتحتها ويداها ترتجف فرحا.. بعد ذلك سحبت تلك الورقة من داخل الزجاجة بكل رؤية ورمت بها في البحيرة من دون إن تقرأها وذهبت بتلك الزجاجة وكلها فرح وسعادة ووضعتها بالقرب من سريرها وهي تقول: بعض الرسائل هي مجرد كلمات لا نستطيع الاحتفاظ بها طويلا، لكن الأشياء المحسوسة هي التي تبقى.. لم يمر على تلك الحادثة زمن حتى التقى بها في الطريق وبعد صمت وحيرة قال لها: أتمنى أن أعرف إحدى أمنياتك حتى أسعى في تحقيقها? فقالت والحياء يكسو محياها: أمنيتي إن أتعلم القراءة والكتابة حتى أعرف تلك الزجاجات التي أجدها كل يوم عند البحيرة لمن?



                                             مع.. الوقت


حتى وهي تتجادل مع الوقت.. كانت تحاول أن تعيد الزمن للوراء، تجلس مثل حكيم سقط غفوة من كتب التاريخ، ثم ترقص على أحزان العمر مثل غانية طرقت أبواب الليل المتعب من الأحلام.. لم يسافر الشوق بعيدا عنها، لكنها شدت الرحال، وتركت بقايا ذاكرتها عند أول الطريق، ترى كم تبعد المسافات عن مبتغاها وترى كم يعيش العمر من سنوات، رمت رفات أسئلتها والتحفت بقايا الليل حتى يستفيق الصباح.. حاولت أن ألملم هذا الشوق المتناثر من حضورها، فجلست حتى خرج الناس وهم يستغفرون تارة.. وتارة يصرخون "من هذا العاشق المجنون الذي نسي نفسه هنا"? عدت بعد أن ذهب الجميع أبحث خلف أثري عني.. فلم أجد غير بقايا قلب مكسور وأحلام ميتة..




                                             رحيل منتظر


قال لها وهو مطرق رأسه أنت مثل الحظ خرجت من العدم.. مثل اليانصيب، تلك التي غيرت حال ذاك الفقير، وأصبح يرى الدنيا بألوان متعددة، ومن قبل كان يراها بلونين اثنين فقط الأسود والأبيض.. مثل زهرة نبتت في صحراء عمري، أرى الدنيا الآن من عيناك، واشتاق للجلوس دوما معك، ولو لسنوات.. أخذت تبحث عن كلمات تسد بها رمق اللحظة، لكنها احتمت بجدار الصمت، قبل أن يضعف صوتها وتذوب قسوتها وتعلن هزيمتها له وتدفن حلمها ولا ترحل.. كانت تمني نفسها ذات يوم بأن ترحل وتترك خلفها قصص الفشل التي أكلت زهور بساتين أحلامها ، ولم يتبقى لها غير الوداع ، ثم قالت بصوتها الذي لا يمله حتى وهي تعاتبه ، لكنها الآن تسترجي قلبه أن يغفر رحيلها ، هب أني جلست هنا ما ذا بعد ، ما الذي سوف يتغير ، كل شي صار بالنسبة لي حطام ، حتى حبي لك بدء في الانكسار ، ماذا أجني من حب يقف مثل شجر الصبار ، نحن محكوم علينا بالرحيل ، دع عنك أوهام العاشقين وافتح باب أوهامك للريح ، أنا لو لم أرحل الآن سوف أنتظر الموت يأتي بجلبابه الأسود ، دعني أرحل وأعدك بأني لن أطيل هذه المرة الرحيل.. حاولت الوقوف لكن السقوط يحالفني كل مرة.. أرجوك قل لي وداعا ولا تتركني مع هذا العذاب، وقبل أن تكمل انتفض صمته وتكلم قلبه، فقال والبكاء يبلل حروفه.. أنت تغتالين العمر وترحلين، تمسكين قلبي وتسافرين، لمن تتركين هذا الواقف بين يديك الآن.. الأعمار لا تتجدد، والحياة فترة، الزمن لحظة وينتهي بنا المطاف، من يشرب معي فنجان قهوتنا، ومن يقول للصباح صباحك أنا، من يفتح شبابيك الأمل من بعدك.. أعدك لن أنتظر بعدك المساء، ولن ينتظرني بعد اليوم صباح.



أحلام بأقلام مكسورة

حتى وهي تكتب أحلامها.. كانت لا تنسى أن تغلق عليها بتلك الأقواس المعكوفة.. هذا أنت وتلك أنا، أحلامنا مثل دوران الأرض وثبات الشمس.. تقف مشاعري عند خيالها الواسع مثل أصنام إيالة للسقوط، وأتذكر أن علي أن أوقف هذا السيل الجارف من الأحلام التي سوف تغرق المدينة، لكن غضبها المتراكم يجعلها تكسر تلك الأقلام، وتقول بصوت يتهافت تحت وابل من الحزن.

هب أنني كنت أداعب أحلام لن تتحقق! ما الذي سوف يغير في هذا العالم الصامت. الإيكفي أننا نلتقي خلف أبواب الخوف وعند غروب الناس، حتى متى وأنت تغتال أحلامي الصغيرات! ياريت ذلك الحظ الذي رما بنا نحو بعضا البعض، لو أنه ألقى بك في طريق غير طريقي.. ولم تكن بالنسبة لي شجرة الميلاد التي اعلق عليها كل أحلامي، وياريتك لم تكن ذلك السراج الذي استرق منه ذلك النور الخافت في غرفتي، ولم تكن ذلك الفارس الذي ترك حصانة عند بأبي ورحل. ريتك تصبح ذات يوما كابوسا وترتاح منك وحدتي.. لو كنت تعلمت الكره الآن لتعلمت هجرك وتركت الأقلام بحوزتي.. اذهب إلي واقعك المر واتركني احلم حتى يموت الحلم فيني او نموت معا....



شغف.. الخيانة

أخذت تجادل نفسها وكأنها تبرر لجريمة سوف تفعلها ذات يوم لذا قالت له وهي تسرد تفاصيل الخوف, لو أنني وهبت بعضا من وقتي لهذا او لذاك لا عليك فأنت الوحيد من بينهم من يحتل المكان الأكبر في حياتي.. كانت وهي تقطع وقتها كأنها توزع قطع من كعكة ميلادها لهم القطع الصغيرة وله الجزء الأكبر.. لا تخاف فلن أذهب بهم او معهم بعيدا مجرد كلمات عابرة لا تهتم حتى ولو ارتفعت فواتير هواتفهم لا تخاف فلايزال في القلب لك متسعا كيف لا وأنت نور عيوني! حتى لو تم دعوتي للخروج فكل هذا مجرد تلبية لمطالبهم لا تخاف لن أدفع عنهم فاتورة الغداء او حتى لو تأخر الوقت ودلفنا مع الوقت للعشاء لا تخاف لن أجعلهم ينتشون بحب صادق تخرج أنفاسه مني, حتى ولو خرجت منهم بعض القبلات هي لن تعدو مجرد قبلات جافة سوف أجاريهم فيها وتلامس شفاتي بعض من شفاتهم لكن لا تجزع لن يتذوقون حرارة أنفاسي مثلك أنت.. كانت تسرد تفاصيل الخطيئة وتترنح من الخمر الذي شربته تلك الليلة برفقة أحدهم والتي كانت صافية وكانت بدايتها مجرد كلمات..



طهر القبيلة

حتى وإن رأيت إيه القادم من الزمن العسير.. أنني كنت الأسيرة لشهوات غيري، فهذا ليس ذنبي، أنه ذنب العالم أجمع. ذنبك أنت.. ذنب كل روح تتنفس الآن.. لا تجتمعون الآن علي لتعلقون روحي هناك.. وتنظرون مثل الضباع، أنتم أقل المخلوقات شأنا، وأخسهم قدرا، إنكم لا تعلمون شيئا عن حياتي.. لا تعلمون شيئا عن سنوات عمري التي قضيتها وأنا ألعنكم.. أنتم مجرد قطيع من الضباع الجياع.. كل طقوسكم لا اعتد بها، ولا حتى صلواتكم المزيفة تلك، الله يعرفكم جيدا.. لن تتقربوا إليه بقتلي تطهرون العرق والقبيلة، بموتكم أنتم تتطهر الأرض ويسقط المطر، كأنني أرى كل واحد منكم ممسكا بحجارته ينتظر صافرة القدر.. أرجم لا تخشى العار.. أرجم فروح الشيطان معك.. أرجم وسوف ترجمك لعناتي إلى يوم تخرجون بأجسادكم المتسخة من القبور.



الأيام الجميلة وأنت


الأيام الجميلة..تمضي مسرعة،وكأنها على موعد مع القطار..فلا يتبقى منها غير أشلاء صغيرة،من أثر الحضور،لنقاتل بها الوقت حتى تعود،فنستنزف الماضي لنعيد أيام الحضور .

الأيام الجميلة..لا تذهب إلا بعد أن تترك رائحة للذاكرة..مثلها مثل تلك التي تحضر وترحل،بعد أن تدع عطرها يحتل زوايا المكان،وخبايا الذاكرة..المرأة والأيام متشابهتان في كل شيء حتى في الحضور والغياب.

 

شياطين

 

للشوق شدة.. تجعل العشاق شياطين للحب المحرم ، فيهتكون كل أستار الحرام ويختبئون خلف أجساد بعضهم البعض ، لا يغطيهم غير أنفاس تخرج من أفواه تتأوه بلذيذ الحب وصراخ الجسد .


ذاكرة بلا خطيئة


في كل مرة تلتقي به...كانت تحاول أن تخفي ما تبديه هواجس تفكيرها،ورغباتها المدفونة في صحراء مملكتها المهجورة منذ سنوات، كقرية خاوية وبلا عروش،ولا حتى فارس ظل طريقة ذات يوم ودخل عنوة إلى حجرة نومها،حتى جاء ذلك اليوم الذي بزغ فيه النور من خلف تلك الصعاب..تريثت كثيرا قبل أن تذهب وتتحسس من هذا الذي يطرق أبواب مخيلتها في ليال وحدتها،لم تنسي يوم تركت خلفها ذاكرة اتسخت أطرافها..فقد كان ذلك الذي حسبته في يوم من الأيام رفيق محبتها،كان مجرد عابر لشهوات غربتها،لكن هذا الغريب الجالس خلف تلك التلال مختلف الطباع.رسمت له أحلامها وتركتها على قارعة الانتظار،عله يسألها عندما يحين السؤال? لكنه كان كثير التردد حتى في قطف ثمار القلق المتدلي من فوق جبين مخاوفها..اقتربت إليه أكثر وأكثر، حتى اختلطت روائح الشوق بينهما،وبعد معانة مع الوقت أطلقت ذات يوم سراح مخاوفها،وتقدمت إليه بكل ثبات..محاولة إمساك ما تبقى من الزمن،حتى لا تذهب الأحلام مع أول عاصفة يأتي بها المجهول،في تلك اللحظات التي خرجت منها تلك الكلمات،كانت تحاول جاهدة أن يفهم عليها أكثر من أولئك الرجال الذين اقتحموا عليها ذات يوم قلعتها..أمسكت بأطراف أصابعه وقبل أن تنزلق أصابعها من فوق يديه،قالت بصوتها الذي تعلق ببقايا الخجل المتناثر من محياها،لك الحق في أن تقول نعم،ولك نفس الحق في أن تقول لا،لكن هذا الأمر أصبح بالنسبة لي قرارا لن أتنازل عنه.هل لك في أن تقيد هذا العشق على ورق مكتوب! وننطلق بعدها إلى عناق يدوم..لا ارغب في تعارف تسطره الأيام أو السنين وبعدها تقطعه سكاكين الضمير! ولا عشق يدوم فترة من الزمن، وعندما تهب على رياح الشوق العن تلك الساعات التي قضيتها معك ونحن نلهث خلف ذلك الاشتياق الذي لا ينتهي،لا أرغب في أن يكون الحب الذي بيننا متسخ بالخطيئة والتكفير..الحب الذي رسمته السماء لنا لابد أن يكون تحت الأضواء وفوق الشبهات،عندها فقط أعدك كلما تذكرتك وتذكرت ليالينا الهادئة سوف أقول هل من مزيد، فذاكرتك عندي لابد وأن تكون بلا خطيئة. 


غيمه تسرق المطر

من أول يوم التقت فيه غيوم أحلامي من على أهداب تلك العيون،التي اختصرت المسافة بين المستحيل والممكن،وهي تحاول دائما إن تغير فيني تلك الفوضى التي سطرتها مقادير الأيام من على صفحات حياتي..حتى خيل لي بأن الزمان أصابه العقم والحظ مات مقتولا من اليأس..وبأنني سوف أضل مفقودا على أن تجدني امرأة،تحمل رائحة الزهور،وروائح العبير تسبق حضورها،هي تلك التي وحدت ألوان الطيف وتركته معلقا بين الغياب والحضور،ومحت تجاعيد الحياة من على جبين العمر المتراخي نحو الهبوط،فتركته يقف شامخا بين الأمل والحلم،كانت رحلتي التي لم أفكر فيها،ولم يختارني الوقت ولم يأخذ الوهم إذنه مني،كانت بمثابة الصدف التي يجدها البحار بين أمواج من البحار،تتلاطم فيه أمنياته مع بعضا من أوهامه،تلك الرحلة التي فقدتني فيه بوصله القدر،لم يكن لدي الاختيار حتى في التوقف عن رغباتي المتسخة من وعثاء الرحيل،لقد كانت تسلب مني بعضا من قسوتي التي بناها الخوف،مثل جدار تهدم سكنه فبقى فاصلا الواقع عن الخيال والحلم عن المنام،وأنا ذلك الرجل الذي يرتدي في كل يوم نفسه وتخلع هي عنه عباءة الذاكرة ! كنت كلما تأخذني معها أسبح بين محيطين بلونين السماء،كنت أتنقل بين تلك العينين وأنا مغمض العينين،يكتفي حدسي بعبورها واكتفي أنا برحيقها،أتشبث بأهدابها كلما رأتني اقفز بذاكرتي نحوها،وأتخلى عن جميع حواسي كلها إلا إحساسي بأنني الآن أحمل عرش مملكتي نحوها،هي مثل الخمر عندما تشربني تسكر كل لحظاتي معها،وتبقى الأماني خواتم تلف أصابعي،تقول لي وهي تلملم حقائب سعادتي،ترى هل يفلح الدهر يوما ويمحي لحظتي معك ؟ أو تراه ينقلب الدهر عليك وتشطب أصابعي ذاكرتك من مدونتي ؟ وقفت واللسان حائرا،والصمت يلهث خائفا ليشرب الحزن منه ما تبقى من ادمعي،أنا يا سيدتي سوف أبقى أسيرا لصلوات العشق في محراب صومعتي،وسوف تبقى رائحتك عنوان لسكني،ولن يرحل الوقت حتى تنام الشمس بين يديك ويصحو الربيع على نهديك وينتشي،فيقطف ذلك الطفل فيني ثمار خلده من فمك الذي رسم بين شفتاه بداية تاريخ مولدي .

 

 

صباح . . حلم يعانق الفجر


بين أحلامها التي رحلت عنها قبل سنوات،وبين واقع يعيش على ما تبقى لديها من سنوات. كادت صباح أن تعلن هزيمة امرأة شارفت على الموت بين أنياب الحظ المفترس الذي لا يزال ينهش في ما تبقى لديها من أمل ، ذلك الأمل الذي فضل البقاء معها حتى بعدما هجرها الفرح وتركها مثل امرأة تلطم على أمجاد ولت وخلت ، فلم تكن صباح فريدة عصرها ، لكنها كانت تقتات على بقايا من الحظ الملقي على قارعة الزمن ، كل ما مرت به كان مجرد كوابيس ، من أحلام رجل اعتاد على أن يقسم شهواته بينها وبين مجموعة من أقاربها وصديقاتها.

تعيش صباح أتعس فترات الخوف من القادم،فكل يوم له مغامرة وكل يوم له عشيقة.اعتادت أن تجلس على عتابات الشك والريبة ، ومع كل تلك النزوات المباركة ، اختارت صباح إن تكون امرأة من نوع فاخر ، اختارت أن تكون في انتظار عاشق ظل الطريق فقادة ألحظ إلي مرتعها ، كانت صباح وهي ترسم وجه ذلك الفارس ترسم فيه كل شي جميل ، لم تترك فيه شي لم ترسمه إلا فمه ، تركت رسمتها بدون فم ، حتى لا تسمع يوم من الأيام كلمات منه ، تشبه كلمات ذلك الزوج القابع خلف رغبات الآخرين.

حتى وأن أرادت أن تبوح بكل ما لديها ، كانت تجد الغصة تلو الغصة تقف بينها وبين ذلك الصوت الذي يأبى أن يكمل طريقة نحو الخروج, تجلس صباح كل يوم وهي تستعد للكثير من المفاجآت التي تأتيها خلسة أو من خلف جدار, اعتادت على أن تسمع أبشع الكلمات من صديقاتها ، وقبل ذلك من أخواتها ، بآن زوجها رجل مختل العقل ، سقيم الطوية ، أو بأنه فاقد الأهلية,فهو لا يتردد في أن يقوم بالاتصال على إحدى أخوات صباح أو حتى على إحدى صديقاتها,ليقول لهن وبكل غطرسة حمقاء ، وبكل ترف المختلين ، بأنه يهيم في حبهن ويفكر فيهن ، وبأنه قد وقع أسير شغفه بهن, بل وبأنه على استعداد تام أن يقف معهن في أي ظرف يمررن به ، حتى ولو كلفه ذلك أن يمد يده ويخرج شيئا من المال حتى يساعدهن على ظروف الحياة القاسية, حتى ولو كلفه ذلك أن يحرم زوجته وأطفاله من ذلك الإحسان, لكن كل ذلك ليس بلا مقابل بل شرطة الوحيد أن يخرجن معه ويحتفل معهن في معية الشيطان.

كانت صباح في ذلك الوقت لا تسعى في إثارة المشاكل, بل كانت الفتاة المطيعة له حتى ولو أدى بها ذلك إلى المشي خلفه بين سكك المشككين وطرق الخائفين كانت تحلم بأن تحافظ على ما تبقى من أعمدة لهذا البيت الذي أصابه الوهن ودبت فيه جراثيم العفن, لكنها كانت تحمل الآمل في إن يتغير الزمن ويتحول هذا الذكر إلى رجل يحمل معنى هذه الكلمة, حتى عندما غضبت ذات مرة وأصرت على أن يصبح لها بيت تسكن فيه هي وطفلة الصغير, لقد مللت العيش مع والدك وزوجته, هكذا كانت تردد كلمتها له, لكنه كان يخاف الرحيل حتى لا تسقط أخر ورقة كانت تستر ما تبقى من رجولته , لم تنجح أول مرة في إصرارها, حتى تركت بيت والده وذهبت تجر الخطايا إلى بيت والدتها وجلست في انتظار متى يحين الانتصار, وحتى لا تخسر أكثر مما خسرت تركت له باب العودة مواريا, فكانت تذهب معه إلي بعض الأماكن التي يشربون فيها القهوة, ولأمانع لديها من الذهاب معه إلى مطعم لتناول العشاء لكنه تمدد أكثر وذهب إلى أبعد من ذلك فطلب منها أن تذهب معه إلى مسكن يمارس فيه الحب معا لكنها كانت ترفض في كل مرة حتى لا يصبح هذا الأمر مهبطا له فيقبع في مكانه ولا يتحرك في البحث لهما عن مسكن ، حتى جاء ذلك اليوم الذي ذهبا فيه إلي أحدي المطاعم, وتخير مكان يحمل الخصوصية, والذي لم يكن تتخيله صباح بأنه استدرجها إلى ذكرياتهما معا حتى تركت له حرية الاختيار في خلع ما تبقى فيها من عناد وأخذها في عناق طويل حتى استفاقت وهي تلملم بقايا ملابسها التي اتسخت من أرضية المكان.. لم تكن تلك المرة الوحيدة بل أصبح الأمر أشبه بالعادة حتى صار العاملين في ذلك المطعم يعرفونهم جيدا،بل يقومون في بعض الأحيان بحجز ذلك المكان كل يوم.


        كلام وفاء لفارس في روايتي ..انتحار مؤجل


خرجت.. وأنا أبحث عن حظا اندبه ، وعن بقايا أحلام فيني لم تزل ، لكني لم أجد غير حصير من الماضي ، وذكريات تدلت من سقف بيتي القديم ، يعود الحنين بي إلى العدم ، وأمنيات لو كنت لم أكن ، كل شي يمر عبر نافذة صغيرة ، وطفلة فيني لم تكل ولم تمل وهي تخرج رأسها الصغير ، تتطلع إلى الشارع ، تنتظر متى يكبر الزمن ، تحمل حقيبتها وهي تعانق الغد ، مدرستها ومعلمتي والطريق الذي يمشى بنا ، كنا صغار ونحمل الفرح في عين وفي العين الأخرى نحمل الأمل ، حتى توقف بنا الطريق وانتهت مراسم العمر ، وكأننا لم نزرع في هذه الحياة يوم من الأيام سنابل ولا زهر ، حتى البلح المتساقط من أعلى ذلك النخل الذي كان بجوار بيتنا كأننا لم نأكله ولم يصعد الحلم إليه? ولم تخرف الأيام مننا ألا العمر، أطفئت ذلك السراج الذي بداخلي.. وطوى الليل فيني خوفه ونامت النجوم في مخدعي، اختفى صوتي الذي لا يخرج في العتمة.. حاولت البحث عن النجاة، وتمنيت لو أن أشتري من الفقير العمر، لكن إلى متى، لكل شي نهاية، وأنا من البداية كنت نهاية، فلما كل هذا الحزن، قصة الموت لا ترعبني أكثر من طقوس الموت نفسها، الموت حياة لم أعيشها، والموت قرار لم أختاره ، مثله مثل الحياة لم أختار أن أكون ، فلما كل هذا الحزن.. حتى وإن كنت أخاف الظلمة وأخاف الوحدة وأخاف البرد، أخاف أيضا من أن أعيش ألف سنة والبقية يرحلون، لن يكون للحياة طعم وأنا حضرت مراسم عزاء من أحب، كم على قلبي أن يحتمل ألف عام من الحزن أم ألف عام من الخوف.

 

الورقة الأخيرة من صفحات عمري


كنت أسمع أشياء كثيرة يرددها الناس..من كلمات الحرية والقدرة على الاختيار،لكنني كنت اجهلها معك،فحريتي أن تكون قيدي،واختياري أن تكون قدري،لا أعرف غير ذلك،عزيزي..البعيد هناك،الحروب والكوارث تلك الأخبار التي تزعجك دائما،هي أشياء صارت عادية بالنسبة لي،أنها تحدث كل يوم،والناس قد ألفوها بل ويبحثون عنها دوما.. لكن تعال هنا وانظر بعينيك كوارث ومصائب أخرى أحدثتها محبتي لك في قلبي الذي تحطم وهوى،فصار يلتقط الأمل على قارعة المستحيل،فلم أتخيل يوما إن أسقط أسيره حب محرم علي،أو أن أعيش أداعب أحلامي وأرسم في الخيال وجهك على زجاج أوهامي،وإن أظل ماسورة ذلك الصوت الذي يهز كنائس قلبي كلما قرعت أجراسه أجراسك،لم يبقى أحد بعد لا يعرف قصتي،أو لا يراك غارق في بحر عيوني أو نائما فوق أهداب عيوني..حتى أنفاسك تلك التي كانت تملأ فضاء البيت،كنت احبسها في صدري،ثم أطلقها..كلما أردت مناجاة بقايا ذكرياتك،كانت تتطاير إمام قلبي كعصافير الحب الملونة،فرحت بالرحيل،بل حتى تلك الأشياء التي تقع عليها يديك أظل احتفظ بها حتى هذه اللحظة،فلا بد وأن تكون بصماتك مرسومة عليها،لكنني لا أراها بل أتحسسها بيدي..لكنني سرعان ما أعود لأخرج من نفسي عارية الأماني خالية الأحلام،تخيل ليلة البارحة كنت اجلس هناك في نفس المكان الذي كنت تجلس فيه وحيدة مرة،ومرة مع طيفك الذي يقترب من جواري وكلماتك شموع تظل تضيء ظلمتي حزينة أنا..والدموع تشارك وحدتي،والأقدار أشباح تنهش أحلامي الصغيرات حتى جدران غرفتي تنوح معي،والأبواب تغلق على نفسها تبكيني..ويبقى الموت يطرق ذاكرتي كلما بلغت روحك حنجرتي،أعلم إنني الآن ضائعة لأنني أحب إنسان محرم علي حبه أو حتى إن أفكر فيه،ولك أن تقول في ما تشاء..غير أني لا أعرف شيئا حتى هذه اللحظة التي أكتب لك فيها رسالتي هذه،أو أن شئت فقل وصيتي..تظل أيامي ملعونة،أعرف أين يتجه مصيري..إني أخطو بخطى ثابتة نحو الهاوية،لأن هذا الحب ولد مخنوقا وكتب عليه من قبل الموت..أحببتك واعلم أن حبي هذا خيانة لمن أحبهم ويحبوني لكن النار تشتعل فيني كل يوم كلما سمعت صوتك يأتي من بعيد..عزيزي أحاول كل يوم أن التقط الهواء وأتنفسه قبل أن اختنق،كلما تردد اسمك على فمها وهي تحكي لي عني زوجها كم هو جميل !أعرف أكثر منها كم أنت جميل،حاولت الهروب لكن أين الطريق الذي أسلكه ولا أراك بداخلي..إلي متى وأنا أستجدي سلطان المنام،حتى تأتي إلي في الأحلام وأنام بين يديك،نعاتب في ليلتنا هذه الزمن وقسوته،وأبث إليك من أشواقي طوفان نغرق فيه ولا نموت،لك وحدك أهب نفسي قربان لقلبك على أن تنعم علي ولو بقبله صغيرة حتى أظل احتفظ بها طوال العمر،فالعيش على هذه الأرض مرة ، والموت ألف مرة،وأنا أعيش بك مرة وأموت فيك ومن أجلك ألف مرة،ولتعلم إنك لست وحدك المذنب في،فهناك الأيام ، وأنا،وأشياء أخرى لا أستطيع الآن قولها لا زلت بعد أخشاها،والآن دعني أتجرع هذا الألم وحدي،وارتجي من هذه الأيام صفحات من عمري خلف أوهام لا تأتي،وأعرف أنها لن تأتي وسابقي أسل من ذاكرتي خيوط ذكراك الجميل لأنسج منه معطفي الأسود ريثما تعود.


فلسفة الخائن

 

لو لم تكن للخيانة إلا تجديد مكانه الآخر،لكفاها تميزا،للخيانة مرارة العلقم،لكن فيها شفاء لبعض السقم،متى نعرف أننا خسرنا شخص قد لا يعوض،عندما نمارس الخيانة كحق خاص..جسدي ملك لي وقلبي يتنافس عليه من يستحق،فلسفة الخائن مثل فلسفة السارق..والغريب أن كلاهما يتفقا على السبب،إغراء الحاجة وضعف الثقة في الآخرين..كل روح فينا هناك يكمن خائن صغير،العين تخون القلب،واللسان يخون العقل،حتى أيدينا تخون في لحظة الشهوات الجسد..بل حتى أحلامنا تمارس الخيانة كل يوم مع حقيقة الواقع .


رسالة

إلي أنثى العنكبوت


أهدي إليك أماني الموتى وأحلام الفقــراء..أهدي إليك حرارة الشمس وخسوف القمر .

إلي المرأة الخائنة:تحية ملؤها الشوك..تحية الزلازل والموت..تحية النار وظلمة القبر،إليك أنت : يا من تمسكين بهذه الورقة..الورقة الأخيرة التي تسقط من أشجار حياتي،لا ورق بعد اليوم ولا حياة،فصل الخريف يغطي كل الفصول..والأمطار ترحل تاركه لي بقايا من بكاء طويل .

لحظة الصمت تغتال طيور أفراحي،أرى طوفان الحزن يقترب مني ويكاد يغرقني..وأنا بعد لا أعرف المشي فوق الماء ولا تحت الماء..لا أعرف أن أطفو أو أعوم..أخاف الغدر والبحر فكلاهما يقتلاني..ابنه البحر : آية كذبه هي أنتي..وأي رجل مجنون هو أنا حتى صدقتك ..إلا يكفي جنونا إني اعتقدت مرة،أن الأحلام تتحقق.. لما لم أصدق أن من يعرف طريق الخيانة يعتاد دوما الذهاب إليه..حاولت كثيرا أن أعرف السبب الذي جعلك تفعلي فعلتك،فلم أستطيع أن أعرف..فأعود أسأل نفسي..هل استحق منها كل ذلك ؟ وأنا الذي أحبك حب لم أعرف معنى للحب إلا معك،أهديتك قلبي وكدت أهديك نفسي طوع وطوال العمر ! كيف أبرر الآن جريمتك..إلا يكفي إني سامحتك فيما مضى،وما عسا أن أقول الآن..صغيرة هي على الحب!وهل يعرف الحب عمرا والوفاء سنا .

أأقول مريضة ! وهي التي تسعى بأن تساعد المرضى،ولكنها الحقيقة،إنك مريضة بحب ذاتك..مغرورة بنفسك،يضحك عليك الأوغاد فترقصين لهم،تهبين جسدك الملعون ثمنا لإشباعهم رغباتك الحقيرة،جسدك يرخص وقلبك يداس لا يهم،المهم أن تكوني في أنفاس الناس،تبحثين عن بقايا الطعام في نفايات المسافرين وعابري السبيل،تشحذين تتسولين في حانات السكارى والخمارين،تستجدين منهم الحب الكاذب والمدح الرخيص،ترضين بأن تكوني مثل إسفنجه الحانات تشربين ولا تسكرين،تلعقين أقدام الرجال في سبيل شربة ماء آسن ولا ترتوين،تحلمين أن تكوني مالكه قلوب الآخرين ، ولا تعلمين بأنك تخسرين من كان يقتفي خلف خطاك .

ابنه الوهم اعذريني فلم أجد حتى الآن التعبير الذي يليق بك،وتعبيرا يجعلني اقتص لقلبي المسكين،إلا أن أقول لك إنك أسوأ امرأة عرفتها من قبل ومن بعد،وبأنك أرخص مما توقعت بكثير،أرخص من الملح في مدينة الملح وأخف من فقاعة الصابون،وأتفه من ورقة خريفية تسقط خيانة من أغصان الشجر لتضاجع الريح،فيا أنشودة الحزن وأهازيج الغدر،يا رائحة الموت ويا أغنية الجرح،ارحلي وابحثي عن غيري،فما عدت أقوى على الوقوف مرة أخرى،حاولت كثيرا أن أتمسك بك،ولكنك كنت تهربين ، تهربين إلي غرورك لتلعبي مع الآخرين،حاولت أن لا يكون ما كان من أن تنتصر جيوش الشك في معركة كم كنت أخشاها،ولكن وجدتك تغتالين بيديك سنابل قلبي الحزين،وتدوسين بقدميك إزهار عمري بكل غطرسة وغرور،قفي لا تمسحي دموعك فما عاد هذا الدمع يحزنني،أنها دموع من عيون وقحة،لم تعرف يوما خشوع الحب ولا صلواته،فأمطري ما شئت من عيونك أو أمسكي فلن ينبت هذا المطر سنابل مرة أخرى،فما يسقط من عيونك ما هو إلا قطران ينزف من جسدك المتعب من أثقال الرجال،عرائس أيامك الحلوة،جسدا لا يعرف إلا الزيف والخداع،جسد يباع بسقط الكلام،فارحلي..فلا يغسل عارك هذا ماء ولا نار،يغسله رحيلك عني بلا وداع أو قبله مسافر،وحتى ذلك الحين لن أرحمك حتى ولو رحلتي عني بعيدا،ستبقى ذكرياتك الملعونة دموعا تحفر في أخدود الزمن أخاديد آخر،تبقى أثارا لسياح العشق وزوار الموتى وسيبقى ضريحي هناك،يتبرك به ضحايا الحب..سيبقى رمزا لبقايا انتصاراتك المهزومة وستكونين كما أردتي امرأة مشهورة،ولكن امرأة بدون قلب،أنثى ولكن بدون حبيب،جسدا بلا روح،والآن اتركيني أرحل بصمت،وألملم بقايا أنفاسي،وأرحل عنك بعيدا هناك حيث لا أنتي،فما فعلتيه معي كان كبيرة لم يتحمله قلبي،فساعديني على الرحيل وكوني كما أردتي طيرا مهاجرا حرا،يجلس في أحضان من يشاء فكل يوم هو عاشق،وكل يوم له عشيق،قرينة الكذب لم تجعلي مني إنسان مهزوما فحسب،بل جسدا يحمل أعباء الخطيئة ويبحث عن دعاء التكفير،لا أدري عندما أحاول أن أغلق باب هذه الورقة لماذا بعد أجدني لم أنهي ما أردت قوله..لم أقول بعد كل شيء،أهو إحساس الورقة الأخيرة ولن يكون هناك بعد ذلك ورق ولا لقاء ولا صوت،أهكذا أردتي لنا يا قرينة الدنيا في تقلبها،أردتي أن نرحل كما الغرباء،رحيل تحمله أجســـاد الموتى،وأخيرا تصوري مع كل ما فعلتيه معي لا زلت أبحث عنك في ذاكرتي،وعندما أتذكر كلماتك أصاب بشيء من الدوار ،بشيء من الإحباط ،باختصار أشياء من القهر،أصبحت الأوراق كلها رسائل إليك،اكتب وأشطب لا جدوى من ذلك،أسطر لك أعذب الكلام ثم أسطر لك أقبحه،أعيش الانتصار تارة وأعيش الهزيمة تارات،ابحث عن حبي المفقود وحلمي المؤود،ابحث عن نفسي بين أوراق الأشجار،وأزهار الصبار! كنت أبحث عني فيك فأجدني احتل المكان الفارغ،يؤم أن أحببتك سطرت لك حياتي أوراق وكتبت في كل صفحة من الأيام اسمك ،أحلامك..أيامك حتى الماضي والحاضر،كتبت لك أبراج الخوف،وقصور الحب ، سجلت لك في دفاتر أيامي كل الأشياء الجميلة،حتى أسماء الورود خلتها من أسمائك،حتى أسماء الطيور جعلتها تكملة لأسمائك،تنتهي حياتي ولا تنتهين،عزيزة المجهول: لما قتلتيني ،وقد أتيت إليك منذ البداية صادقا محبا عاشقا،يموت لموتك ويعيش مع أنفاسك جئت إليك خاليا من كل المعارك،لأخوض معك معركة الحب الخالدة،معركة تدوم ولا تنتهي بهزيمة أو انتصار،ولكنك استطعت أن تهزم هذا الجندي المجنون،الذي أحب فتاة لا تعرف غير ذاتها ولا تعبد سوى شهوتها،ولا هم لها سوى أن تمارس هوايتها في جمع صور الضحايا قربانا لصنم غرورها،فكلما أحست بنشوة الحياة سارعت لتلقي نظره الافتخار على ضحاياها،كالبعوضة تعيشين أنتي على دماء الآخرين..فتبت يداك .


غفران.. معلق

 

عندما تنتظر الغفران المتدلي من سقف الانتظار ينتابك الحنين إلى سماء رحمتها لا لشئ ألا لأنك تجد روحك من دونها تائهة تفتش بين أكوام الوفاء علك تجد شيئا يشفع لك عند سلطانها الحائر بين الثواب والعقاب بين الخنوع والشموخ ومع كل هذا كانت بالحق وفيه في تعاملها رقيقة في عتابها نقية في كلامها..لكنها كانت تحاول دائما إن تجد مواطن الضعف فيني فتنتشي عندها قسوتها...لكن ما تلبث أن تعود طفلة كما عرفتها أول مرة.


                              فم الشيطان


تسل من فم الشيطان خيوط من الكلمات ، تنسج به عبارات من الوهن..تقتل صغار الأحلام ، فتنمو بين سنابل الوهم أماني ، مجرد أماني تطير مع أصوات الريح ، وتهب الشك في كل اللحظات ، لتعيد نغم الغواية بين سطور الأشواق ، فكان الهيام لها فصار اليوم غياب ، رحلت حروف الحب من كلماتي ، بعد أن جلبت لنفسي عنا الحضور ، كلانا يا سيدتي وهم ، كلانا بقايا أحلام التاريخ ، كلانا أسراء مقيدين بأسوار الخلود

 

لن...تصدق


جلست تتشدق بأمجاد امرأة لعوب ، تحكي له قصتها مع النجوم ، لا يسمعها غير ضمير غائب ، ورجل شارف على السقوط في أحلامها ، حتى تعلقت فيه روائحها الزكية ، وكاد أن يشرب كلماتها التي تنساب كل يوم من شفاه لا تعرف الصمت ، توقف في لحظات عن التفكير فيها وهي تسرد قصتها الأخيرة ! كانت تتحدث معه وكأنها تحكي عن قصة امرأة أخرى ، امرأة وهبت نفسها لمساعدة الآخرين ! فقالت له وهي تعزف لحن الخشوع ، هل تصدق ؟ ! .

ذلك السؤال الذي كان أشبه بمفتاح صندوق حكايتها ، عندها ترك كل شيء وبقي يستمع لنهاية ذلك السؤال ، هل تصدق ؟ !

لم تتأخر هي كثيرا عن مواصلة الحديث ، ولم تتوقف حتى لتراجع تفاصيل قصتها التي ربما سوف تصبح مجرد باب يلج منه الشيطان فيما بعد ، وضع كفه على خده والخوف يقف شامخا فوق رأسه ، في انتظار وصول ما تبقى من كلماتها ، ثم قالت : عندما كنت اليوم في مكتب البريد ، جلست أحدق في الوقت ، متى ينتهي ذلك الموظف الذي أخذ مني الطرد الذي كان معي ، تتذكره أليس كذلك ؟ كان معي قبل أن أذهب من عندك ، بعد أن انتهينا من معركة إثبات أينا يحب الآخر أكثر ! لم يتمالك صمته حينها ، فقال لها وهو يتمتم بكلمات لا تكاد تسمعه : ومن نجح يا ترى في إثبات ذلك ؟ فقالت له وهي تغمز بإحدى عيناها : سمعتك ! كان السرير هو الوحيد الشاهد على أينا يحب الثاني أكثر حتى إنني كدت أنسى يومها أن أقول لك أن أنفاسك كانت تشعل نار رغبتي فيك أكثر ، حتى وبعد أن هطلت أمطار مودتي آنذاك ، لم ينطفئ لهيب الشوق ولم تخمد نيران رغبتي ، ثم تذكرت بأنها لم تكمل قصتها بعد ، فقالت له بكل حياء العاشقين : لا تقاطعني ودعني أكمل لك ، عندما انتهى ذلك الموظف بعد أن قيد كل المعلومات التي طلبها مني ، لإرسال طردي ذاك ، كان بجواري شاب وسيم ، بدت عليه علامات الغضب وهو يصرخ ويسأل عن سبب التأخير في وصول شحنته ، وعندما ذكر المكان الذي من المفترض أن تصل منه شحنته ، تدخلت وقلت له ، لا تقلق أنا لدي صديقه تنتظر منذ فترة وصول شحنتها مثلك ، ومن نفس المكان ، فلم يزد على أن قال لي شكرا لك ، وقبل أن يذهب قلت له ، ما رأيك بأن تزودني برقم هاتفك ، حتى عندما تصل شحنة صديقتي تلك أخبرك ، تخيل أنه لم يتردد في ذلك ، بل إنه طلب مني إن اتصل عليه ، وذلك بعد أن قيدت رقمه في هاتفي ، وذلك كما زعم حتى يوثق رقمي في هاتفه ! الغريب يا حبيبي أنه لم يطلب معرفة اسمي .


أنا..ورجل مريض


استفاق الماضي فجأة وبجلباب رجل مريض،يتحين الفرصة تلو الفرصة عله يختلس مني بعضا من مشاعري التي أصبحت من ممتلكات الزمن القديم..كنت أسئل نفسي وأنا في خلوة مع وحدتي:ترى لو أنه كان يشاطر الشيطان فيني ويسعى جاهدا أن يعيدني مرة أخرى لأحزاني وبأنه أراد فقط أن يوقظ جراحي ؟ فيعود ذلك الصوت الذي يأبى الرحيل عني منذ أن تعرفت عليه،أكاد أجزم أنه أستطاع أن يحتل له مكان حتى ولو كان مكان قصي..وإلا لماذا تشتاق مسامعي لصوته الدافئ وكلمات الحب التي تقتحم بكل يسر وسهولة قلبي!ولماذا أفتش فيه عني كلما اختفى طيفه وتلاشى في زحام الوقت صوته،حتى عندما حدثته عن امرأة لا تعرف الرسم في الهوا ولا تعرف القفز على الحبال،وبأنها تكاد تنطق كلمات الحب لكنها تخشى الهزيمة،فالحب لديها معركة ينتصر فيها العاشقين،وأنها تعرف كيف تكتب كلمة – أحبك – كأول رجل يدخل مدينتي وكأول عاشق يحتل مملكتي..وبأنها تعرف كيف تزرع قبلتها على شفاه أعياها التعب،لكن ذاكرتها لا تزال بعد تنزف الماضي وتأبى النسيان.

لم يعلق على كلماتي ولا على قصتي تلك عن المرأة!لكنه قال كلمات زادتني حيرة وجعلتني أعود من حيث بدأت،قال لي وهو يهم بالرحيل:ربما الخوف من الحب ساق صاحبتك له رغما عنها!وربما هي أرادت أن تبحر في الحب وتغرق فيه،لكن الذي أعرفه جيدا أن الحب أشبه بالمدرسة،نتعلم فيها فنون العشق وندرس كتبه،وربما تطول بنا السنين والأيام ونحن لا نزال في الصفوف،وليس بالضرورة أن ينجح في الأخير كلاهما،فيكفي أن تسجل الحياة في دفاترها،قصص لا ننساها،وأيام نعيش على ذكرها،لو لم يكن للحب إلا أن يغير أصواتنا،ويلهب في الشتاء رغباتنا،ويجعلنا نمارس الحب كل لحظة وفي كل حين،لكفانا،لكننا تعودنا منذ الأزل أن نأخذ الأشياء كاملة ومن دون نقصان،وهذا ديدان المنتظرين.

وبعد أنهى كلامه حزمت في صمت حقائب كلماتي،وتركته يداعب أحلامه،وجلست في المحطة أنتظر المجهول .  


بأي ذنب قتلت


أنا..أنشودة حزن تركتها طفلة قبل أن تموت كمدا،ويتم دفنها بعيدا عن مدافنهم،حتى لا تتسخ أجساد موتاهم الزكية.. لا تزال صرخات الموءودة هناك تسألهم :بأي ذنب قتلت ؟

حتى عندما أنام الآن،وبعد كل هذه السنين العجاف،لا تزال أحلامي تحلم بأحلام لم تكتمل في صغرها.. يهزني صوتها الصغير،وبكاءها الذي لا يزال صداه ينتقل من مكان إلى مكان.. لكنه لا يتوه عن مسامعي.


صقيع الكلمات .. فضاء الخيال


مثل المطر..كان صوتها يغسل ذاكرتي القديمة،بالماء والبرد،حتى تأسرني بكلمات ترحل بي إلى عالم الصقيع،أسعى جاهدا أن أتكلم فأجد حروفي تجمدت،وفمي يرتجف فأعود إلى منصة الصمت مكتفيا بقولي :كوني سلاما.

بعض الكلمات تأخذني من حيز الوجود إلى فضاء الخيال،أتذكر فيها وجهك الذي يأتي ضاحكا وفمك الوردي يستدعي المغامرة..حاولت أن أهرب فتوقفت عند السكون،لأصبح مثل حرف الألف الذي تسكنه همزة.


سراج الوهم


ما كنت احتاج غير ذلك ، غير العبث القادم بين سطور الأوراق المنسية على رف من رفوف الماضي ، كنت أتسال ومحبرتي تنتظر عودتي بفارغ اللون،كنت اقفز بين سطور الورق التهم فواصل الكلمات واشرب بعض نقاط الخوف، تلك النقاط التي تقبع في كل نهاية السطر ، لم اعد كما كنت اتقي الأحلام فوق أوراق المكتب عندما كنت استعيد أجمل لحظات الماضي وارسم سراج من وهم واذهب اختبئ في الظلام ، نحن أبناء ذلك الأب الذي هجر جنة الله لشهوة طارئة وتركنا نصارع الذنب ونهرب دوما إلي بحار المغفرة لنغتسل من وعثاء الشوق ولا نتوب.


كائن بشري


أنا مجرد كائن بشري، حاولتُ كثيراً بأن أكون إنسان ..فشلت مرات ونجحتُ مرات،لكنني بعد لا زلتُ أحاول ،ولازلتُ بعد أحمل عبئ الإنسان بداخلي..جئت للحياة من دون إرادة مني ،وسوف أرحل عنها كذلك من دون إرادتي،الخيار وهم تعلمت وجوده ،بل وتعلمت ضرورة وجوده ، أتبجح دائماً بأنني أملكُ حق الاختيار والحقيقة أنني لا أملكُ حتى التفكير فيه،وما بين مسير وما بين مخير وقعتُ كفأر داخل مصيدة ولم أجد حتى قطعة الجبن تلك،وورثت الأمل كحق من الأجيال التي سبقتني كميراث تركه الأجداد وعلي المحافظة عليه لا استخدامه،حتى الإيمان ذلك الوهج الذي يضيء بداخلي كلما اختليت بنفسي،ما كان إلا السراب الذي أوجدته الحياة لتحكم علي قبضتها، لقد أيقنت أخيراً بأن الموت هو السبيل الوحيد للعبور للحياة التي بداخلنا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق